هل تشكل الميزانية مشكلة زوجية مزمنة بينكما ؟!

١- المال قد يعني أشياء كثيرة لأشخاص مختلفين، لذا فإن الازواج يحملون مفاهيم وقيم واحتياجات مختلفة تجاه المال وهي منشأ الخلافات "المزمنة" في الميزانية بينهما وبينما يظلان عالقين فيمن يصرف كم وعلى ما؟ فإن حقيقة الجدال هو أعمق ويشمل مخاوف ورغبات أكثر عمقاً تمتد إلى تجربته من الطفولة وشعوره تجاه المال!

٢- لذا عندما تتناقش مع شريك حياتك تذكر أن المال هو رمز وأداة وسلسلة من الذكريات الداخلية بالنسبة لك وله، فلا تأخذه بشكل مجرد وحرفي "يجب أن نوفر" "أنت مبذرة" "أنت لا تتفهم احتياجاتي!" بل كونا مستعدين لسماع وجهة نظر الآخر بمزيد من التفهم والتعاطف لما شكل وجهة نظر كل منكما تجاه المال وكيفية التعامل معه في أسرته للوصول إلى حلول مريحة للطرفين بحد معقول.

٣- إذا كنتما مرتاحان بميزانيتكما الحالية فإن هكذا نقاش يبدو بلا شك مريح إلى حد ما وهناك فرصة كبيرة للطرفين لتفهم موضوع المال لدي بعضكما البعض على مستويات نفسية عميقة، أما اذا كانت ميزانيتكما غير مرتاحة وتعاني من ضغوط الاقساط والديون فيمكن الاقتصار في النقاش على ترتيب الاولويات ولا بأس بالتفكير الايجابي بأحلامكما المستقبلية وطموحاتكما السابقة بدل التذمر والقاء التهم على بعضكما.

٤- في هذا الحوار حول المال يمكن معرفة التاريخ الشخصي ومعنى المال لكل منكما فورقة العشرين ديناراً قد تشعر أحدكما أنه غني والآخر بالفقر. فمعتقداتنا وتجاربنا ولغتنا حول المال في حياتنا وحياة والدينا ترسم لنا نوعاً من النص غير المنطوق وما لم ينتبه كل منا كيف تحوّل هذا النص إلى مبادئ وخطوات عمل في طريقة صرفه للمال فستبقى المشكلة مزمنة وصعبة الحل!

٥- تأكدا دائماً من تفادي إطلاق الأحكام القاسية على طفولة شريك حياتكما خصوصاً فيما يتعلق بمخاوفهما حول ميزانيتكما الحالية فهذا سوف يحول النقاش إلى فرصة للانتقاص من بعضكما ومن ثم المزيد من الاختلاف والنزاع، حاولا التعاطف وتفهم شعور وموقف الآخر وأخذه في الاعتبار عند الرغبة في وضع خطة للميزانية أو التوصل لحلول للمشاكل المادية بينكما.

٦- انتبها أن الاختلافات المالية قد تظهر تناقضات مبدئية في أفكاركما، فلدى طرف منكما التوفير والتعقل في صرف الأموال في الأمور الضرورية والمهمة يعد أمر لا جدال حوله، بينما يعتبر الآخر أن لا قيمة للمال إن لم يبذل في جلب المتعة للنفس أو لإسعاد الآخرين أو لمساعدة المحتاجين وتلبية الاحتياجات العاطفية. مما قد يأخذ الطرفين إلى قطبين متناقضين تماماً!

٧- انتبها أيضاً أن الخلافات المالية في ظاهرها كثيراً ما تخفي في باطنها خلاف حول التملك والاستقلالية فما يبدو أنه خلاف حول احقية اخذ القرار بشكل منفرد أو جماعي هو في الحقيقة خلاف حول من يملك سلطة أكبر في المنزل، وكم يملك كل منكما الاستقلالية في التصرف بأمواله بالشكل الذي يرغب به وكم من الصوت المسموع والمخاوف المطمئنة لكل طرف في هذه العلاقة!

٨- وأخيراً الخلافات المالية تظهر خلافات مخفية حول التوقعات، في عصر يعمل فيه كلا الزوجين وتتعارض فيه أشكال نمط الحياة الجديدة مع الأنماط الاجتماعية التقليدية (المرأة عليها الجزء الأكبر من عمل المنزل، الرجل يتكفل بشكل رئيسي بالإنفاق) يبقى كل طرف ممتعض من التوقعات التي تفوق قدرته أحياناً أو يجدها غير منطقية بالنظر إلى حياة والديه أحياناً أخري. لذا فإن الحديث المتفهم حولها مصدر تخفيف لهذه البؤرة الخلافية المتوترة باستمرار!